
عندما تحتضننى المدن.....تذوب فى أذنى أصواتها الصاخبة المتعالية لباعة جائلين و سحرة و حواة و عربات الميكروباص بضجيجها المرعب , دقات أجراس معابد و كنائس و أصوات آذان يملأ الآذان, أصوات مبهمة لكعوب أحذية تدق فى عجلة على الأرض المسطحة الملساء , نقرات المطر المتسارعة الثاقبة لطبلة أذنى الحساسة للأصوات دى الوتيرة المملة..
تنعكس على صفحة عينى التى أصابها الإحمرار من كثرة السهر فى ليالى السهد و الوحدة ...صورة ماسحى الأحذية و مربعات ضخمة لإعلانات دعائية لكريمات الشعر و بوسترات لمطربين و مطربات , أشجار الأسمنت الشاهقة الإرتفاع تمنع عنى أشعة الشمس و تملأ العين بظلام نهارى كئيب, ليلا تنور الشوارع بأنوار فاقعة مبهرة و مبهورة , خافتة و مشعة تنبعث من لمبات العربات التى تسير سيرا وئيدا كاظمة أنفاسها من كثرة الزحام, إضاءات الفاترينات الزجاجية المليئة بالأحذية و الملابس الرجالى و الحريمى و اللانجيرى و المكتبات التى يندر أن تجد شخصا يشخص إلى معروضاتها , رائحة عوادم السيارات تذكم انفى , روائح متداخلة لبائعى البطاطا و الذرة المشوى و المسامط و الكبابجية و محلات الفول و الطعمية , رائحة العرق صيفا و رائحة المطر عندما يأتى الشتاء و يلامس بأنامله ذرات الشوارع الترابية , رائحة الحلوى و المشبك الذى اعشقه , رائحة الكشرى, الرائحة المستفزة المنبعثة من ماكدونالدز و فراى دييز و بيتزا هت تقدم دعوة مفتوحة غير مجانية للدخول, رائحة الشيشة بطعم التفاح و رائحة القهوة...كل ذلك...كل هذا الصخب يشعرنى بالوحدة و الضجر ..كمشهد متكرر وممل.
عند ذلك فقط ألوذ بالبحر مارا ببحر االرمال الذى يشيع فى لونه الأصفرصفاءا نابعا من ذاتى , أسير ببطء على الأسفلت الفاصل بين الرمال عن يمينى و شمالى على إمتداد البصر , خاليا من العهربات و ضجيجها و لا يوجد غير فضاء من اللون الأصفرترمح فوقه رياح هادئة فى خيلاء , تصفر فى أذنى باعثة فى شعورا بالطيران فى أنحاء الكون الأربعة بجدرانه التى لا تحد.
أصل للبحر , أمسك قلبى, أفرغه من همومه و ألقى بها إلى البحر, ترتد إلىّ نسمات تغرد تجد لها فى قلبى عشا تتكاثر به.
تفرغ عينى دموعها من محاجرها ...يزداد البحر حفنة من قطرات تحدرت من أعين اللائذين ,, و هل البحر إلا أدمع زرفتها عيون الذين عادوا إليه.
هدير الموج يبعث موسيقى الصمت الذى تجد به متنفسا لأفكارك المتلاطمة.
أجد فتيانا و فتيات يلعبون المسّاكة.....(كهرباء) كلمة تترد على ألسنتهم و تمتد من مسامات جلودهم المتلامسة فتنتفض على وجناتهم السمراء جمرات من نار تلطفها أشعة الشمس و تزيد جذوتها رائحة اليود المنبعثة مع الرياح التى تلامس بشرتهم الرقيقة ...أشاركهم اللعب و ألوذ بالبحر الذى يمتد امامى الآن بإمتداد الأبد.............................الآن تاهت عن خطاى المدن.